Forum
-
الثلوث الدي يغدي ظاهرة تشغيل الا طفال في المغرب (الهدر المدرسي و الفقر
الثلوث الدي يغدي ظاهرة تشغيل الا طفال في المغرب (الهدر المدرسي و الفقر |
|
رغم الاهتمام الكبير بهذه الظاهرة لا يزال عمل الأطفال منتشراً على نطاق واسع في المغرب متأثراً بارتفاع نسب الفقر والأمية والطلاق في المجتمع، ما يستوجب إيجاد رؤى جديدة لتشخيص الظاهرة ورصد أسبابها وتجلياتها وتحديد المفاهيم المرتبطة بها ووضع خطط لمحاربتها وحماية المعرضين لها. وتشير إحصاءات رسمية إلى أن أكثر من نصف مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 7 سنوات و14 سنة، يعملون في مجالات مختلفة أهمها الفلاحة والصناعة وخدمة البيوت إضافة إلى أعداد أخرى من الأطفال يتم استغلالهم في التسول وحراسة السيارات وجمع النفايات تشكل عمالة الأطفال تحدياً اجتماعياً حقيقياً بالمغرب لأنها تؤثر على مستوى الالتحاق بالمدارس، وترفع نسبة الفقر والبطالة، وتولد مشاكل اجتماعية كثيرة مثل الانحراف واستغلال الأطفال، وتمثل هذه الظاهرة الموضوع الأكثر أهمية في أوليات عمل المنظمات المهتمة بشؤون الطفل والأسرة، حيث يستأثر هذا الموضوع بانشغالات المدافعين عن حقوق الطفل ويهيمن على لقاءات الخبراء والمختصين المغاربة الذين لم ينجحوا بعد في تطبيق الحلول والمفاهيم النظرية للظاهرة على أرض الواقع. في الكثير من الأحيان يفرض الوالدان على الطفل العمل في سن مبكرة وترك الدراسة من أجل تأمين مستقبله وتعلم حرفة في ورشات الحدادة والنجارة والميكانيك والصناعة التقليدية والسباكة وأعمال البناء. ويسود الاعتقاد بين البسطاء الذين لم يحظوا بتعليم جيد أن تعلم «صنعة» في إحدى هذه الورشات كفيل بتأمين مستقبل الطفل في ظل ارتفاع نسبة البطالة في صفوف المتعلمين، بل وفي صفوف الحاصلين على شهادات عليا في تخصصات علمية. ودفع هذا العامل الطفل عثمان البالغ من العمر 13 سنة للعمل في ورشة للنجارة، حيث شجعه والده على الالتحاق بورشة قرب منزل العائلة في سن العاشرة من أجل أن يضمن مستقبله من خلال إتقان هذه الحرف والتشبع بأصولها في سن مبكرة. يقول عثمان إنه يقوم بمساعدة النجار في عمله حيث يمده بما يحتاج من أدوات وقطع النجارة كما يقوم بتركيب بعض الإطارات الخشبية والطاولات الصغيرة في انتظار أن يكلفه معلمه بعمل القطع الخشبية الأكبر حجماً.
ويضيف «أتعلم يومياً أشياء جديدة في هذه الحرفة وأراقب المعلم حين يقوم بتقطيع الخشب وتركيبه وتزيينه وإلى جانب عملي الرئيسي يكلفني صاحب الورشة بأعمال التنظيف وتنظيم الورشة، كما أقوم بنقل بعض المشغولات الخفيفة إلى الزبائن وأجلب طلبات المعلم من المقهى والمطعم مقابل راتب شهري قدره 450 درهماً (56 دولاراً)»، مؤكداً أنه ليس نادماً على ترك الدراسة والعمل في الورشة لأنه يعمل في حرفة يحبها ويحلم بيوم يصبح فيه مالكاً لورشة نجارة كبيرة، ويعترف بأنه كان يغار من أقرانه الذين يمرون أمام الورشة في طريقهم إلى المدرسة ويراقبهم أثناء لعبهم في الحي حين يكون في مهمة توصيل الطلبات، لكنه كف عن هذه العادة بفضل نصائح أبيه الذي يشجعه دائماً ويحثه على التطلع للمستقبل والسعي وراء تحقيق هدفه. الصحة والنمو ساهم ارتفاع إيراد العمل اليومي للورشات وانتعاش الحرف والصناعات التي تغطي الاحتياجات الضرورية للناس في إقبال الأطفال والمراهقين على العمل، إضافة إلى الأطفال الذين تقودهم ظروف الفقر المدقع والفشل في الدراسة إلى العمل، حيث أصبح عمل الأطفال منتشراً حتى في أوساط الفئات التي لا تحتاج لعمل الأطفال من أجل تأمين مصروف العائلة. ويقول الباحث الاجتماعي خالد الصراط إن «بعض العائلات تدفع أبناءها للعمل رغم عدم حاجتها لما يجنونه من مال، حيث أنها تعتبر أن نجاح الطفل في العمل داخل الورشة أهم من تقدمه في الدراسة، فحين تجد لديه ميولاً واستعداداً للعمل في سن مبكرة تدفعه للالتحاق بالورشة دون عائد يومي في البداية، ويتابع الطفل الدراسة والعمل في آن واحد وحين يواجه مصاعب في الدراسة أو يفشل في إحدى المراحل ينقطع عن المدرسة بشكل نهائي ويصبح عاملاً مختصاً». ويشير إلى أن عمل الأطفال ينعكس سلباً على صحتهم ونفسياتهم لأنه يمنعهم من الدراسة واللعب والتمتع بسنوات الطفولة والمراهقة، كما يحملهم ما يفوق طاقتهم ويعرضهم للأخطار والاعتداءات وسوء المعاملة، فضلاً عن آثاره السلبية على النمو السليم للأطفال وبالتالي على مستقبلهم. ويؤكد الصراط أن هناك إحصاءات كثيرة عن حالات سوء معاملة الأطفال أثناء عملهم، حيث تسجل مراكز الاستماع وحماية الأطفال حالات متنوعة لسوء المعاملة تتوزع حسب طبيعة المشكل إلى اعتداءات جنسية وبدنية وإهمال وحوادث عمل. ويربط الباحث بين تفاقم ظاهرة تشغيل الأطفال وارتفاع وتيرة الهدر المدرسي الذي يذهب ضحيته 380 ألف تلميذة وتلميذ سنوياً، مؤكداً أن القضاء على تشغيل الأطفال يبدأ بالحد من ظاهرة الهدر المدرسي وذلك بمعالجة الانقطاع والتكرار بمختلف المراحل التعليمية وتوفير الدعم الاجتماعي للأسر المعوزة وتشجيعها على إبقاء أبنائها بالمدارس أطول فترة ممكنة، وتأهيل المدارس خاصة في العالم القروي وتوسيع تجربة النقل المدرسي وتشجيع هيئة التدريس على الاستقرار بالمناطق النائية وتطبيق إلزامية التعليم من 6 سنوات إلى 16 سنة. سوء معاملة في إطار الجهود المبذولة لرصد أسباب ظاهرة عمل الأطفال، يقوم المرصد المغربي لحقوق الطفل بإجراء بحوث واستطلاعات ميدانية تشمل المدرسة وأماكن العمل ومراكز استقبال الأطفال الذين تعرضوا لاعتداءات، وعرض نتائج هذه البحوث على الخبراء والمختصين في لقاءات مختلفة. ويقول الباحث والمختص في قضايا الطفولة هشام بنعلي إن «ظاهرة عمالة الأطفال متشعبة ويتعين إقامة شراكة بين مختلف الفاعلين وسائر التخصصات المعنية من أجل القضاء عليها. وهناك عدة مستويات للتصدي لها مثل توفير الترسانة القانونية وتكثيف عمليات المراقبة والتحسيس بالمخاطر والانعكاسات السلبية لعمل الأطفال، وتقوية وتطوير آليات الحماية القانونية والطبية والاجتماعية ووضع خطط إعلامية للتحسيس والإبلاغ عمن يشغل الأطفال». ويربط بنعلي بين ظاهرة تشغيل الأطفال وبين سوء الأوضاع الاجتماعية التي تعيشها الأسر الفقيرة والتي على عتبة الفقر، ويقول إن «نسبة الأطفال العاملين ترتفع في الأسر التي تعاني من التفكك بسبب الطلاق أو هجرة الوالد أو وفاة المعيل، كما أن آثار الهجرة القروية وغياب آليات الحماية الاجتماعية لهما تأثير واضح على تشغيل الأطفال ما يستوجب ضرورة تبني خطة تقتلع الظاهرة من جذورها، وليس اعتماد حلول غير مجدية خاصة أن عمالة الأطفال ترتبط بظاهرة الاعتداءات الجنسية والبدنية على الطفل وتعاطي المخدرات في فترة المراهقة. ويشير إلى أن إهمال الأطفال وتركهم عرضة للتشغيل المبكر يؤدي إلى وجود جيوش من المهمشين الذين يتحولون إلى عالة على المجتمع، والى حرفيين يتقاضون رواتب هزيلة ويتحولون في مرحلة قادمة إلى عاطلين ومجرمين. أعمال خطرة وضعت الحكومة المغربية والمنظمات المهنية للمشغلين والمنظمات النقابية للأجراء لائحة جديدة للأشغال الخطيرة الممنوعة على الأطفال دون 18 سنة، وتحتوي هذه اللائحة على أشغال التشحيم والتنظيف أثناء عملية فحص وإصلاح الأجهزة الميكانيكية عندما تكون في حالة تشغيل وصنع ونقل المتفجرات. وتمنع اللائحة أيضاً تشغيل الأطفال دون 18 سنة بالمجازر والحانات ومعامل الزجاج والمدابغ وأماكن جمع ومعالجة النفايات وأشغال الحفر، وتحظر هذه اللائحة تشغيل الأطفال في أعمال تكون مهمة هؤلاء فيها حمل الأثقال غير المسموح بها، واستخدام الآلات المشغلة باليد أو بواسطة محرك ميكانيكي والتي لا تتوافر الأجزاء الخطيرة منها على ما يلزم من وسائل الوقاية، وطرق وتمطيط القضبان المعدنية وترقيقها، إلى جانب نصب هياكل خشبية أو معدنية ثابتة تستعمل في البناء والأشغال العمومية. وأقدمت الحكومة على إصدار لائحة الأشغال الخطيرة، التي انتقلت من 10 إلى 30 نوعاً بعد ضغط من شركاء اجتماعيين وفاعلين اقتصاديين وحقوقيين وتربويين، اعتبروا أن مراجعة لائحة الأشغال الخطيرة الممنوعة على الأطفال دون 18 سنة على ضوء التطور العلمي والتكنولوجي ستقلص من عدد الأطفال في الشغل. ويأمل المختصون أن تساهم هذه اللائحة في حماية الأطفال والعمال حديثي السن من الأشغال المضرة بهم والحد من ظاهرة تشغيل الأطفال. مشاريع إنقاذ يوضح الباحث والمختص في قضايا الطفولة هشام بنعلي أن هناك مشروعاً تنفذه «جمعية ادرس»، يهدف إلى إخراج 4 آلاف طفل وطفلة من سوق العمل، ووقاية 4 آلاف مهددين بالشغل المبكر، وتنفيذ مشاريع تنموية في المناطق المستهدفة من أجل ضمان التمدرس للأطفال والاحتفاظ بهم في مؤسساتهم وتقديم مساعدة للأسر المعوزة التي تعلم أطفالها، وتشجيع الجمعيات على تنفيذ برامج التربية غير النظامية للأطفال غير الملتحقين بالمدارس وبرامج الدعم التربوي للتلاميذ المتعثرين |
|
|
|
|
|
Votre Commentaire |
|
|